لقد خلّفت الحرب المستمرة في غزة جراحًا عميقة لدى العائلات، لكن الأكثر هشاشة وتأثرًا كانوا الأطفال. فإلى جانب فقدان البيوت والمدارس والأحبة، يواجه العديد من الأطفال جروحًا غير مرئية، كالخوف والقلق والصدمات النفسية، التي تهدد شعورهم بالأمان وتبدد آمالهم الصغيرة. ومن منطلق إدراكها لهذه الحاجة الملحّة، كانت جمعية الأمل للمرأة والطفل في طليعة المبادرين إلى تنفيذ مشروع الدعم النفسي الاجتماعي (PSS)، المصمم لشفاء القلوب واستعادة الصمود لدى أصغر ضحايا الحرب

في صميم هذا المشروع، تكمن فكرة إنشاء مساحات آمنة للأطفال، يجدون فيها ملاذًا من فوضى الواقع المحيط بهم. هذه المساحات توفر أنشطة منظمة مثل: العلاج باللعب، الألعاب الجماعية، الرسم، سرد القصص، والتعبير الإبداعي، مما يمنح الأطفال فرصة للتعامل مع مشاعرهم بطرق صحية. ومن خلال اللعب والتفاعل، يبدأون باستعادة الثقة، وتنمية الثقة بالنفس، والشعور بدفء الطفولة من جديد، ولو للحظة قصيرة

كما يوفر البرنامج جلسات دعم نفسي وعاطفي يشرف عليها مختصون مدرَّبون على فهم التحديات النفسية الفريدة التي يواجهها الأطفال في ظل النزاع. من خلال الاستماع إليهم وتشجيعهم وتوجيههم، يساعد فريق جمعية الأمل الأطفال على التعايش مع الخوف والحزن واللايقين. وهذا لا يخفف فقط من أعراض الصدمة، بل يعزز أيضًا قدرتهم على التكيّف والنهوض من جديد رغم قسوة الظروف

ولا يقتصر المشروع على الأطفال فحسب، بل يمتد أثره إلى العائلات أيضًا، إذ يهدف إلى تمكين الأهل، وخاصة الأمهات، من دعم أطفالهم بصورة أفضل. حيث يتم تنظيم جلسات توعية وإرشاد لمقدمي الرعاية لمساعدتهم على فهم الضغوط التي يعاني منها أطفالهم، وكيفية توفير الطمأنينة والحب اللازم لهم في البيت. وبهذا الشكل، يصبح الصمود رحلة مشتركة تضم العائلة بأكملها

لقد كان أثر هذا المشروع عميقًا وملموسًا. أطفال كانوا قد فقدوا الرغبة في التفاعل وأظهروا انسحابًا أو عدوانية أو يأسًا، عادوا اليوم يضحكون ويلعبون ويرسمون الابتسامة من جديد. وعائلاتهم عبرت عن امتنانها للدعم الذي لم يمنح أطفالهم راحة فحسب، بل أعاد إليهم أيضًا الأمل بمستقبل أفضل

في مكان تحاول الحرب أن تسلب الطفولة ذاتها، يبقى مشروع الدعم النفسي الاجتماعي لجمعية الأمل شريان حياة حقيقيًا، يعيد الكرامة، ويعالج الجروح الخفية، ويزرع بذور الصمود من أجل غدٍ أكثر إشراقًا